العمالقة

أهلاً وسهلاً بكل زوار وأعضاء منتدى العمالقة ........
نرجو من لم يسجل في المنتدى التسجيل ......
ادارة المنتدى ..

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

العمالقة

أهلاً وسهلاً بكل زوار وأعضاء منتدى العمالقة ........
نرجو من لم يسجل في المنتدى التسجيل ......
ادارة المنتدى ..

العمالقة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
العمالقة

Moody

اشهر 25 كذبه عند الشباب (( باااااااااين وانت كل بنات العالم بيعرفوك )) 1حبيبتي بتعرفي والله انا ماعندي حركات الشبااب .. مابحكي مع بنات.. اصلا ماحب هالحركات..2- مابعرف حبيبتي بحس اني بعرفك من زمااان(( لا يمكن ملخبط بينها وبين وحده كنت بتعرفها اول .. يمكن في شبه )) 3- حبيبتي بحس انك غير عن كل البنات بحس انك مختلفه وغيرهم((ليه فوق راسها ريشه و لا من كوكب ثاني )) 4-حبيبتي والله بحس في اشياء كثيرة انا وانتي نتشابه فيهااا .. كأننا شخص واحد(( سبحان الله اخوها في الاسلام لازم يكون في شبه ها ها هاااي )) 5-ياليتني ياقلبي عرفتك من زمان(( معليش كان عندك زحمه )) 6- حبيبتي انتي تامرين قلبي امر .. كل اللي بتقوليه أأأأأوامر (( ايه في الاحلام اكيد )) 7- حيااتي عايزك تتغطي عشان ما احد يشوفك غيري لاني اغاار((لا يا حرااااام الغيرة حرقت قلبك حرق )) 8- ابقي اخطبك من اهلك بس بعد ما اكون نفسي(( اجل من تكوون هههههههههه بس صح تكسر الخاطر فلوسك كلها على الجوال والسيارة وعزايم الشلة و و و الخ ال أخطبك ال ))9-يا قلبي بدي اشوفك باقرب وقت مابقدر على الشوق اللي ذبحني((نفسه صحابه يتأكدو انها حلوة ))10 - انا احب الشعر ومن هواياتي الرسم والسباحه(( لا رومنسي الحبيب )) 11- حبيبتي حطي في بالك ترى انا اذا حبيت حبيت من كل قلبي(( اقول بس اي قلب فيهم ؟!!!! )) 12- علاقتي فيك ما حد بيعرف فيها ابد لانها تعتبر من اهم خصوصياتي(( بس عادي كل الجامعة بتعرف والحارة بتعرف.. لانهم مش اي احد بتعرفو أنتو )13- شكلي حبيبتي راح اطق لي جاكوار من الوكاله((اذا مو هوندا موديل 76 من الراموسسة هههههههههههههههههههههه )) 14- احتمال اروح سويسرا الصيف الجاي(( ايــــــــــه !!!! مفطوم بسويسرا)) 15- دايم اشتري عطوري من تناغرا(( الحمدلله والشكر أم الــ 100 ليرة من البائع المتجول حصراً صاحبي لانو )) 16- لما اشوف رقمك في جوالي قلبي يفز من مكانه(( اكييد .. خايف تكون كشفت ملاعيبك )) 17- فلان قال لي اعطيه رقمك .. بس انا قلت له اقتلني قبل ماتاخذ رقمها مني (( هاهاااي يا مضحي انت يا شجااع .. هذا اذا مش كل الشباب يعرفون رقمها المسكينه )) 19 - حبيبتي بدي صورتك اخليها عندي علشان قبل ما انام اشوفها واحطها تحت راسي وانام(( لا وانت الصادق من شان يوم تمل منها تهددها ))20- اسف حبيبتي امس ما اتصلت عليك بس كنت مشغووووول بالدراسه وحالتي حالة(( باين يا نيوووتن انـــــــــت )) 21- بتعرفي حبيبتي انا دايما البنات في المجمع بيطلبوا رقمي ... بس انا مابعطيهم فيــس دام انتي حبي(( هاهاااي .. الترتيب الصحيح للجمله .. دايماا انا الحق البنات بس مايعطوني فــــيس ))22- والله حبيبتي كان ودي اجي عالموعد اليوم(أنضربت السيارة) و صارت ظروف صعبة جدااا وما قدرت أجي بجد(( ايه صح تذكر موعده مع وحدة تانية اللي واعدها 10 مرات وخلف وعده ))23- امس مانمت... طول الوقت افكر فيك... اخذتي عقلي حبيبتي(( الا قصدك نمت وحلمت وشبعت نووم ولا سسأل عنهاااا اصلاً ))24- انتي احلى بنت شفتها بحياتي ماظن القى احلى منك(( ليه متعرف على ملكة جمال الكون ولا الملكة أنطوانيت وأنا مالي عرفاااااااااااااااان أنطوانيت ههههههه ؟؟)) 25- الظاهر بشتري كمبيوتر جديد... كمبيوتري صار له شهرين معي وكمبيوتر اخوي ماعم يعجبني والكمبيوتر الثاني ماتأقلمت معه

عدد الزوار

المواضيع الأخيرة

» كتاب التجويد في التحفة وغاية المريد ومخارج الحروف
ذهول ورهبة .........(1) Emptyالأحد يوليو 10, 2011 8:54 am من طرف أحمدالسيدالصعيدي

» الشبكات NETWORKS
ذهول ورهبة .........(1) Emptyالجمعة ديسمبر 17, 2010 9:58 pm من طرف THE DRAGON

» صفارات BIOS
ذهول ورهبة .........(1) Emptyالجمعة ديسمبر 17, 2010 9:54 pm من طرف THE DRAGON

» proxy >>>بروكسي
ذهول ورهبة .........(1) Emptyالجمعة ديسمبر 17, 2010 9:44 pm من طرف THE DRAGON

» بدك تحرم الضحيه على انو يفوت على الياهوو مسنجر او على ايماله الخاص
ذهول ورهبة .........(1) Emptyالخميس ديسمبر 02, 2010 5:26 am من طرف bibeto008

» قصيدة باللغة الانكليزية
ذهول ورهبة .........(1) Emptyالأحد نوفمبر 28, 2010 12:51 am من طرف lana

» مهم جداً...............
ذهول ورهبة .........(1) Emptyالسبت نوفمبر 27, 2010 1:09 pm من طرف عاشق الاحساس

» اصابة الاربطة المتصالبة للركبة
ذهول ورهبة .........(1) Emptyالجمعة نوفمبر 26, 2010 5:24 pm من طرف THE DRAGON

» كبار السن و الرياضة
ذهول ورهبة .........(1) Emptyالجمعة نوفمبر 26, 2010 5:21 pm من طرف THE DRAGON

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى

الة حاسبة






سحابة الكلمات الدلالية

تدفق ال RSS


Yahoo! 

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 6 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 6 زائر

لا أحد


[ مُعاينة اللائحة بأكملها ]


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 866 بتاريخ الخميس يونيو 29, 2017 10:14 pm

اصابة الاربطة المتصالبة للركبة

الجمعة نوفمبر 26, 2010 5:24 pm من طرف THE DRAGON

اصابة الاربطة المتصالبة للركبة

اصابة الاربطه المتصالبه تعد من الاصابات الرياضيه الشائعه حيث تمثل هذه الإصابة 20% من إصابات الركبة


وتكون الاربطه المتصالبه اماميه وخلفيه, وتعد الرياضة بمختلف أنواعها من الأسباب …


كبار السن و الرياضة

الجمعة نوفمبر 26, 2010 5:21 pm من طرف THE DRAGON

كبار السن و الرياضة

لقد تزايدت نسب اشتراك المسنين في برامج اللياقة البدنية في الاونة الاخيرة وذلك لادراكهم مدى العلاقة التي تربط بين


النزعة المتزايدة نحو الاشتراك في برامج التدريب وبين ما اثبتته الادلة التي تؤشر …


الكادر الطبي لفريق كرة القدم

الجمعة نوفمبر 26, 2010 5:19 pm من طرف THE DRAGON

الكادر الطبي لفريق كرة القدم

أولا: يتألف الكادر الطبي عادة من
الطبيب العام: وهو رأس الهرم الطبي في الفريق يكون على الغالب طبيب أخصائي عظمية واصابات ملاعب ويفضل أن يكون
ممارس للنشاط الرياضي ( هواية كحد أدنى) وهو على علم …


حول آلام الظهر

الجمعة نوفمبر 26, 2010 5:18 pm من طرف THE DRAGON



العمود الفقري والطب الحديث

بات الكثيرون يشتكون من آلام الظهر خاصة ممن يتطلب عملهم جهدا حركيا أو من يتعرضون لحركات جسمانية لم يعتادوا عليها من قبل ويحملون أجسامهم ما لا تطيقه في أوقات مفاجئة، أو بسبب زيادة في أوزانهم …


نظرة عامة في علم التغذية

الجمعة نوفمبر 26, 2010 5:16 pm من طرف THE DRAGON



يعد الحصول على أعلى مستوى للصحة حقا من حقوق الإنسان الأساسية لكن صحته واجب من واجباته الأساسية أيضا



*والصحة لا تعني فقط أن يعيش الإنسان دون مرض *بل هي إحساس جميل ورائع بالسعادة البدنية والنفسية *وهذا لا يتم دون …


تغذية الرياضيين

الجمعة نوفمبر 26, 2010 5:15 pm من طرف THE DRAGON




الإفراط في تناول البروتيـين غير مجد والنشويـات ضرورية


يحتاج الرياضيون عادة الى نظام غذائي خاص يسمح لهم بالتعويض عن الطاقة التي يفقدونها في ممارسة نشاطاتهم وتمارينهم، سواء كانوا هواة أو محترفين.

· بشكل عام ما …


التغذية الرياضية بوابة الانتصار

الجمعة نوفمبر 26, 2010 5:13 pm من طرف THE DRAGON



تعد عملية التغذية مثالا للاتصال بين البيئة الخارجية والجسم البشري،


اذ تحتوي المواد الغذائية على المواد الكيميائية الحيوية اللازمة لحياة الإنسان التي لها تأثير على وظائف الجهاز العصبي المركزي فضلا عن تأثيرها …


مختصر مفيد لتغذية لاعب الكرة

الجمعة نوفمبر 26, 2010 5:11 pm من طرف THE DRAGON



أصبحت تغذية الرياضي مهمة جدا في تحديد الانجاز الرياضي


•وبدلا من الوصول للوزن المثالي للاعب كرة القدم فان من الحكمة التركيز على التطبع على عادات غذائية صحية.
•يحرق لاعب كرة القدم سعرات حرارية كبيرة ومع هذا ينصح …


المكملات الغذائية كبديل للمنشطات

الجمعة نوفمبر 26, 2010 5:09 pm من طرف THE DRAGON

المكملات الغذائية كبديل للمنشطات

يبحث الرياضيون بشكل متواصل عن وسائل ترفع من مستوى اداءهم الى الحد الذي يفوق قدراتهم الفردية بهدف تحقيق


انجازات رياضية والوصول الى المراكز المتقدمة وعلى كافة المستويات، حيث لم تعد …



    ذهول ورهبة .........(1)

    THE DRAGON
    THE DRAGON
    the king
    the king


    عدد المساهمات : 347
    نقاط : 614599
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 04/04/2009
    العمر : 30
    الموقع : www.alamalqa.yoo7.com

    ذهول ورهبة .........(1) Empty ذهول ورهبة .........(1)

    مُساهمة من طرف THE DRAGON السبت فبراير 20, 2010 10:03 pm

    الروائية

    "المتعة معجزةٌ تُعلّمني أنّي ذاتي"
    (أميلي نوتومب، كاتبة بلجيكية)

    ولدت أميلي نوتومب في 13 آب سنة 1967 في مدينة كوب في اليابان، وتأثرت بعمق بالثقافة اليابانية. تتحدر من عائلة عريقة في مدينة بروكسل. كان والدها سفير بلجيكا في روما، وحملتها تنقلاته إلى الصين ونيويورك وجنوب شرق آسيا، مخلفة في نفسها شعوراً لا يمحى بالوحدة. تعود إلى بلجيكا في السابعة عشرة من عمرها، وتتابع تحصيلها في دراسة اللغات اليونانية الللاتينية. في عام 1992 حازت روايتها الأولى "نظافة قاتل" على نجاح كبير.
    ما تلبث أن تشتاق أميلي إلى بلد مولدها، اليابان، وتعود إليه لتسطّر تجربة فريدة في روايتها "ذهول وارتجاف" التي تُوِّجت عام 1999 بالجائزة الكبرى للأكاديمية الفرنسية. اقتبس منها فيلم عام 2003 كما حدث لروايتها الأولى. ومنذئذ تواصل أميلي نوتومب اصدار رواية في كل عام تلقى كل منها نجاحاً باهراً منها: "ما قبل كريستا" عام 2003، و"السيرة الذاتية للجوع" عام 2004، و"حامض كبريتي" عام 2005، "مذكرات سنونو" عام 2006، وأخيراً "لا من حواء ولا من آدم" 2007.
    تتصف مواضيعها، كما يتضح من عناوين كتبها، بالتجديد والخيال، وكلماتها بالحساسية والعمق والصدق، وأسلوبها بالأناقة والمرح. ولعل أكثر ما اشتهرت به هذه الكاتبة هو انتقاؤها لكلمات وصور نادرة ومبتكرة، تعكس غنى في اللغة وسعة في الثقافة وجرأة بالطرح.
    تُعد أميلي نوتومب من أكثر الكتاب الأوروبييين شهرة وأعمالها من أكثر الكتب قراءة ونجاحاً منذ عقد ونيف. يترقب القراء والنقاد جديدها كل عام كحدث بارز على الساحة الأدبية.


    كان السيد هانيدا رئيس السيد أوموشي، والسيد أموشي رئيس السيد سايتو، والسيد سايتو رئيس الآنسة موري رئيستي، ولم أكن أنا رئيسة أحد. نستطيع قول ذلك بطريقة أخرى. كنت تحت إمرة الآنسة موري، والآنسة موري تحت إمرة السيد سايتو، وهكذا دواليك، مع الملاحظة أن الاوامر الآتية من الأعلى إلى الاسفل تستطيع القفز فوق التسلسل المراتبي. وبالتالي كنت في شركة يوميموتو تحت إمرة الجميع.

    في الثامن من كانون الثاني لفظني المصعد في الطابق الآخير من المبنى العائد ليوميموتو وشدتني النافذة في طرف البهو كما يجذب المرء هواء كوة مكسورة في طائرة. في البعيد البعيد بانت المدينة ولبعدها شككت أني وطئتها يوماً. لم يخطر ببالي حتى وجوب تقديم نفسي لموظفة الاستقبال. وفي الحقيقة أنه لم يكن في رأسي ولا فكرة واحدة. لا شيء سوى افتتاني الشديد بالهاوية عبر الواجهة الزجاجية.
    وأخيراً لفظ صوت أجش خلفي باسمي، التفت. كان رجل في الخمسينات من العمر قصيراً ونحيلاً وبشعاً ينظر إلي بحنق:
    _ لماذا لم تخبري موظفة الاستقبال بوصولك؟ سألني.
    لم أحر جواباً فلم أجب. نكست رأسي وكتفي ولاحظت أنني خلال عشر دقائق وبدون التلفظ بكلمة واحدة كنت قد تركت انطباعاً سيئاً في يوم دخولي إلى شركة يوميموتو. قال لي الرجل إنه يدعى السيد سايتو وقادني عبر حجرات كبيرة لا تحصى، وقدمني إلى حشود من الناس كنت أنسى أسماءهم بمجرد انتهائه من النطق بها.
    أدخلني بعد ذلك إلى مكتب يستقرّ فيه رئيسه السيد أموشي الذي كان ضخماً مرعباً، مما يؤكد أنه نائب المدير.
    ثم أشار إلى باب معلناً بنبرة احتفالية أن خلفه يتربع السيد الرئيس هانيدا، ومن البديهي أنه لم يكن يتوجب علي التفكير بلقائه.
    وأخيراً قادني إلى غرفة شاسعة كان يعمل فيها حوالي أربعون شخصاً. وأشار لي إلى مكاني قبالة رئيستي المباشرة تماماً، الآنسة موري. كانت تحضر اجتماعاً الآن وستقابلني بعد الظهر.
    قدمني السيد سايتو باقتضاب للمحفل. ثم سألني إن كنت أحب التحديات. كان من الواضح أني لا أملك حق الإجابة بالنفي.
    _ نعم، قلت.

    كانت تلك الكلمة الأولى التي أنطق بها في الشركة فقد اكتفيت حتى الآن بالإيماء.
    " التحدي" الذي اقترحه علي السيد سايتو يكمن في قبول دعوة شخص يدعى آدم جونسون إلى لعبة الغولف يوم الأحد القادم..! كان عليّ أن أكتب رسالة بالإنكليزية بهذا المعنى لذلك الشخص.
    _ من هو آدم جونسون؟ سألت بحماقة.
    تنهد مديري بعصبية ولم يجب. هل كان ياترى من غير المعقول عدم معرفة السيد جونسون؟ أم لعل سؤالي كان تطفلاً؟ لم أعرف الإجابة على هذه الأسئلة، ولم أعرف قط من هو آدم جونسون.
    بدت لي المهمة سهلة. جلست وكتبت رسالة ودية: إن السيد سايتو يسعد بفكرة اللعب بالغولف يوم الاحد القادم مع السيد جونسون ويبعث له بتحياته. حملتها لرئيسي.
    قرأ السيد سايتو عملي ثم أطلق صيحة ازدراء خفيفة ومزقها قائلاً:
    _ أعيديها!
    ظننت أني كتبت الرسالة بود زائد أو بتباسط مع السيد جونسون، فكتبت كلاماً بارداً جافاً: إن السيد سايتو قد أخذ علماً بقرار السيد جونسون وبناء على رغبته هو الشخصية سيلعب الغولف معه. قرأ مديري ماكتبت ثم أطلق صيحة الازدراء ذاتها ومزق الرسالة قائلاً:
    _ أعيدي كتابتها!
    كنت أود سؤاله أين أخطأت، ولكن من الواضح أن رئيسي لا يحتمل الأسئلة كما أكدت لي ردة فعله السابقة عند استفهامي عن السيد جونسون. كان عليّ إذاً أن أجد بنفسي بأية لغة يجب أن أخاطب السيد جونسون الغامض.
    وأمضيت الساعات التالية وأنا أسطّر الرسالة تلو الأخرى للاعب الغولف ذاك. كان السيد سايتو يتلقى ثمرة جهدي بالتمزيق ودون تعليق سوى تلك الصرخة التي لا شك أنها لازمة أغنية. وفي كل مرة كان علي اختراع صيغة جديدة.
    كان في هذا التمرين شبه ما من جملة " ماركيزتي الجميلة، عيونك الجميلة تجعلني أموت حبا" 1 التي لا تخلو من الطرافة. فأخذت أجرب كل الاحتمالات النحوية محدثة نفسي: " ماذا إذا أصبح (آدم جونسون) فعلاً منصوباً و(يوم الاحد القادم) فاعلاً و(يلعب الغولف) مفعولاً به، أي: "يقبل الأحد القادم بالقدوم بسرور ليجنس لعبة الغولف بطريقة سايتوية". وليذهب أرسطو إلى الجحيم.
    كنت بدأت الاستمتاع بذلك عندما قاطعني رئيسي. مزّق الرسالة حتى دون قراءتها وقال لي إن الآنسة موري وصلت.
    _ ستعملين معها بعد الظهر وبانتظار ذلك اذهبي وائتني بفنجان من القهوة.
    كانت الساعة الثانية بعد الظهر وكانت تشكيلاتي الخطابية قد تملكتني تماماً فلم أفكر أثناءها بأخذ أدنى قسط من الراحة. وضعت فنجان القهوة على مكتب السيد سايتو وقفلت راجعة، فإذا بفتاة شاهقة الطول كالرمح تتجه نحوي.

    عندما أتذكر فوبوكي مازلت أرى رمحاً يابانياً أطول من قامة رجل لذلك سَميت الشركة "يومي موتو" ومعناها "أشياء الرمح" وعندما أرى رمحاً أتذكر كذلك فوبوكي الأطول من قامة رجل.

    _ آنسة موري؟
    _ ناديني فوبوكي.
    لم أعد أصغي لما كانت تقوله لي. كان طول الآنسة موري يبلغ متراً وثمانين سنتيمتراً على الأقل وهو طول لا يبلغه إلا القليل من الرجال اليابانيين. كانت هيفاء ورشيقة بشكل مذهل، رغم تصلب ياباني كان عليها مراعاته، ولكن أكثر ما أدهشني تألق وجهها.

    كانت تكلمني وكنت أستمع إلى نغمة صوتها الرقيقة والمفعمة بالذكاء. كانت تريني ملفات وتشرح لي ما فيها. وتبتسم. لم أنتبه أنني لم أكن أنصت إليها. دعتني بعد ذلك إلى قراءة الوثائق التي وضعتها على مكتبي الذي يقابل مكتبها، ثم جلسَت وبدأت بالعمل. وبطاعة تامة قلبت الأوراق التي طلبت مني تأملها. كانت تحتوي على تعليمات وتعدادات.

    على بعد مترين أمامي، كان مشهد وجهها آسراً، رموشها المسدلة على أرقامها كانت تمنعها من رؤيتي وأنا أتفرس فيها. كان لها أجمل أنف في العالم، ذلك الأنف الياباني، الأنف الذي لا شبيه له بتاتاً، ذو الفتحات الصغيرة والتي يمكن التعرف عليها بين آلاف الانوف... ليس لليابانيين كلهم أنف كهذا ولكن إن كان لأحد مثل هذا الأنف لا يمكن إلا أن يكون من أصل ياباني... لو كان لكليوباترة مثل هذا الأنف لأصاب جغرافية الأرض تغيير مهم.
    عند المساء فكرت أنه من السخف التفكير بأن أياً من الكفاءات التي وظفت من أجلها في الشركة لم تُفدني. ففي النهاية ماأردته هو العمل في شركة يابانية وها أنا ذي في إحداها...
    كنت أشعر أني أمضي نهاراً رائعاً والأيام التالية عززت هذا الإحساس. كنت مازلت لا أفهم الدور الموكل إلي في هذه الشركة ولم أكن أهتم لذلك. كان يبدو أن السيد سايتو يجدني مروّعة، ولم أكن أكترث بذلك أيضاً. كنت سعيدة بزميلتي، وصداقتها تبدو لي سبباً أكثر من كاف لأمضي عشر ساعات في اليوم بين جدران شركة يوميموتو.
    بشرتها البيضاء والملوّحة بآن معاً، هي تلك التي يتحدث عنها الكاتب " تانيزاكي" 2. كانت فوبوكي تجسد الجمال الياباني لدرجة الكمال إذا استثنينا قامتها المدهشة. كان وجهها شبه قرنفلة اليابان القديمة، رمز الفتاة النبيلة في الزمن القديم، وكون ذلك الوجه يكلل تلك الهامة الفارهة إنما يؤهله للسيطرة على العالم.

    كانت يوميموتو من أكبر شركات العالم وكان السيد هانيدا يدير قسم الاستيراد والتصدير الذي يشتري ويبيع كل شيء على وجه الأرض. كان فهرس الاستيراد والتصدير في شركة يوميموتو صورة مكبرة جداً عن فهرس " بريفير" 3: فمن جبنة الإمانتال الفنلندية إلى الصودا السنغافورية مروراً بألياف العدسات البصرية الكندية والعجلات الفرنسية والقنب التوغولي... لاشيء كان يفوتها.
    كان المال في يوميموتو يتجاوز حدود العقل الانساني. فبعد تراكم عدد معين من الأصفار كانت المبالغ تترك مجال الأرقام لتدخل مجال الفن التجريدي. كنت أتساءل إن كان يوجد في الشركة انسان قادر على الفرح بمليون ين، أو على الحزن لفقد مبلغ مماثل.

    كان جميع موظفي يوميموتو كالأصفار لا قيمة لهم إلا وراء الأعداد الأخرى. كلهم، ماعداي أنا فلم تكن قيمتي تصل حتى لقيمة الصفر.
    كانت الأيام تمضي وفائدتي في الشركة مازالت معدومة، ولم يكن ذلك يضايقني كثيراً، كنت أشعر وكأنهم نسوني ولم يكن ذلك مزعجاً. كنت أجلس وراء مكتبي أقرأ وأقرأ الوثائق التي أعطتنيها فوبوكي. كانت شديدة التفاهة باستثناء لائحة منها، تحصي أفراد شركة يوميموتو، مسجلة فيها أسماؤهم وتواريخ وأماكن ولادتهم واسم الزوج عند وجوده واسماء الأولاد مع تاريخ ولادة كل منهم. لم تكن هذه المعلومات رائعة بحد ذاتها. ولكن عند الجوع الشديد تصبح كسرة الخبز شهية جداً. ففي حالة البطالة والفراغ التي يعيشها دماغي بدت لي تلك اللائحة مثيرة كمجلة تنشر الفضائح. في الواقع... كانت تلك الورقة الوحيدة التي فهمتها.
    ولكي أظهر بمظهر من يعمل بجد قررت أن أحفظها عن ظهر قلب، كان فيها حوالي المئة اسم، أغلبهم متزوج وأب أو أم في اسرة مما يزيد مهمتي صعوبة.
    كنت أدرس بجد: كان وجهي تارة منكباً على دراستي وتارة مرفوعاً أردد ماتعلمته في صندوقي الأسود.. وعندما كنت أرفع رأسي كان نظري يقع على وجه فوبوكي الجالسة قبالتي.

    لم يعد السيد سايتو يطلب مني كتابة رسائل لآدم جونسون ولا لأي أحد آخر، بل لم يعد يطلب مني إلا احضار فناجين القهوة.
    كان شيئاً عادياً تماماً عندما تبدأ العمل في شركة يابانية أن تبدأ بوظيفة الأوشاكومي "منصب شاي الشرف". كنت أقوم بذلك الدور بجدية تامة فهو العمل الوحيد الذي أوكل إلي. وحفظت بسرعة عادات الجميع: فالسيد سايتو يتناول في الساعة الثامنة قهوة، والسيد اوناجي يأخذ قهوة بالحليب مع ملعقتين من السكر في الساعة العاشرة، والسيد ميزونو كوباً بلاستيكياً من الكوكا كل ساعة، والسيد اوكادا يأخذ في الساعة الخامسة شاياً انكليزياً مع القليل من الحليب. أما فوبوكي فكانت تأخذ شاياً أخضر في التاسعة وقهوة في الحادية عشرة وشاياً أخضر في الثالثة بعد الظهر وفنجاناً أخير من القهوة في السابعة، وكانت في كل مرة تشكرني بتهذيب ساحر.

    بعد مدة اتضح أن هذا العمل كان العامل الأول في ضياعي.
    في صباح أحد الأيام أخبرني السيد سايتو أن نائب المدير سيستقبل في مكتبه وفداً هاماً من شركة صديقة:
    _ أريد قهوة لعشرين شخصاً.
    دخلت مكتب السيد اوموشي حاملة صينية كبيرة وأديت مهمتي على أكمل وجه بل وأكثر من الكمال: قدمت كل فنجان بتهذيب بالغ مرتلة أرق وأرفع عبارات المجاملة ذوقاً، وأنا أغض نظري وأحني هامتي. لو كان هناك جائزة استحقاق لافضل شاي تشريف لوجب أن تمنح إلي.
    وبعد عدة ساعات غادر الوفد وسُمع صوت كالرعد صادر عن السيد أوموشي البدين يصرخ:
    _ سايتو - سَنْ 4!
    ورأيت السيد سايتو يهب واقفاً بوجه شاحب ويركض باتجاه عرين نائب الرئيس. كان صراخ البدين يدوي خلف الحائط. لم نكن نفهم ما يقول ولكنه لم كن يبدو لطيفاً.
    وعاد السيد سايتو بوجه مكفهر وأحسست نحوه بشفقة ساذجة وأنا أتخيل أنه لا يزن أكثر من ثلث وزن غريمه. وهنا ناداني بصوت حانق. تبعته إلى مكتب فارغ وبدأ يكلمني بغضب يجعله يتأتئ:
    _ لقد سببت ازعاجاً كبيراً لوفد الشركة الصديقة لأنك قدمت الشاي مستخدمة عبارات توحي بأنك تتكلمين اليابانية بشكل رائع.
    _ ولكني فعلاً لا أتكلمها بشكل سيء يا سايتو - سَنْ.
    _ اصمتي، بأي حق تدافعين عن نفسك؟ السيد اوموشي غاضب جداً منك، لقد خلقت جواً شنيعاً أثناء اجتماع هذا الصباح: إذ كيف يمكن لشركائنا أن يشعروا بالراحة والاطمئنان أمام فتاة أوروبية تفهم لغتهم؟ اعتباراً من الآن لن تتكلمي اليابانية.
    ونظرت إليه مذهولة:
    _ عفواً؟
    _ أنت اعتباراً من الآن لم تعودي تتكلمين اليابانية، هل هذا واضح؟
    _ ولكن حسب معلوماتي، فإن شركة يوميموتو وظفتني بسبب معرفتي للغتكم!
    _ هذا لا يهمني، إني آمرك بعدم فهم اليابانية بعد الآن.
    _ ولكن هذا مستحيل، لا أحد يستطيع تنفيذ أمر كهذا.
    _ هناك دوماً سبيل للطاعة، هذا مايجب أن يفهمه الدماغ الغربي.
    "هذا بيت القصيد إذاً". فكرت بهذا قبل أن أتابع:
    _ ربما يكون الدماغ الياباني قادراً على إجبار نفسه على نسيان لغة ما، إلا أن الدماغ الأوروبي عاجز عن ذلك.
    وبدت تلك الحجة الغريبة مقبولة للسيد سايتو. فقال:
    _ حاولي ذلك، أو على الأقل تظاهري بذلك، لقد تلقيت تعليمات بشأنك هل هذا مفهوم؟
    كانت لهجته حازمة وعدائية.
    لا شك أن تعابير وجهي كانت توحي بالانزعاج عندما عدت إلى مكتبي لأن فوبوكي غمرتني بنظرة رقيقة قلقة. وبقيت منهكة طويلاً أتساءل كيف يمكنني أن أتصرف.
    كان من المنطقي أن أقدم استقالتي ولكني لا أستطيع أن أتخذ هذا القرار. من وجهة نظر أوروبية لم يكن في هذا التصرف مايشين ولكن بالنسبة لياباني يعني ذلك إهانة كبيرة. بالكاد مضى على عملي في الشركة شهر ونصف ولكني وقعت عقداً لمدة سنة، فترك العمل بعد مدة قصيرة كهذه سيجلب لي العار أمامهم وأمام نفسي.
    ثم أني لم أكن راغبة مطلقاً بالرحيل، فقد عملت جاهدة للوصول إلى هذه الشركة: تعلمت لغة طوكيو في إدارة الاعمال، واجتزت اختبارات عديدة. طبعاً لم أطمح يوماً أن أصبح عبقرية زماني في التجارة الدولية، غير أني كنت دوماً أرغب بالعيش في هذا البلد الذي أقدسه منذ أولى ذكريات طفولتي البريئة.
    سأبقى.
    كان علي إذاً أن أجد طريقة لتنفيذ أمر السيد سايتو. وقمت بسبر دماغي باحثة عن طبقة جيولوجية خاصة بالنسيان: هل ياترى هناك سراديب في قلعتي العصبية؟ للأسف كان هذا البناء يحوي نقاط قوة ونقاط ضعف ومراكز مراقبة وأخاديد وثقوباً وخنادق ولكن ليس هناك مايصلح لمواراة لغة كنت أسمعها باستمرار. وإذا لم أستطع نسيانها هل أقدر على إخفائها على الاقل؟ لو شبهنا اللغات بغابة هل كنت أقدر أن أخفي خلف أشجار الزان الفرنسية وأشجار الزيزفون الانكليزية وأشجار السنديان اللاتينية أمهات الأرز اليابانية الباسقة والتي يوافقها اسمها تماماً؟
    إن لقب فوبوكي "موري" يعني " غابة "، ألهذا السبب ربما كنت أنظر إليها بحيرة؟ ولاحظت أنها مازالت تنظر إلي مستفهمة. ثم نهضت وأشارت لي أن أتبعها. في المطبخ تهالكتُ على كرسي.
    _ ماذا قال لك؟ سألتني.
    أفضيت لها بما في قلبي. كنت أتكلم بصوت متهدج على وشك البكاء، ولم أعد أستطيع كبح لساني عن التفوه بأشياء خطيرة:
    _ إني أكره السيد سايتو إنه حقير وأحمق.
    لاحت ابتسامة خفيفة على شفاه فوبوكي:
    _ لا، أنت مخطئة.
    _طبعاً، فأنت لطيفة لا ترين الشر، ألا تعتقدين أنه حتى يعطيني أمراً كهذا يجب أن يكون...
    _ اهدئي، لم يكن أمره هو. لقد نقل لك أوامر السيد أوموشي، لم يكن أمامه خيار آخر.
    _ في هذه الحال فإن السيد اوموشي هو الـ...
    _ هو شخص ذو مزاج خاص. قالت تقاطعني. ماذا سنفعل؟ إنه نائب الرئيس، لا نستطيع أي شيء حيال ذلك.
    _ يمكنني أن أحدث بشأنه الرئيس السيد هانيدا، أي نوع من الرجال هو؟
    _ السيد هانيدا رجل رائع، إنه شديد الذكاء والطيبة، ولكن من غير الوارد أبداً أن تشتكي إليه.
    كان الحق معها، وكنت أعرف ذلك، من غير الممكن تجاوز رئيس واحد فكيف هذا العدد من الرؤساء. لا أستطيع أن أخاطب إلا رئيسي المباشر وهو الآنسة موري.
    _ أنت ملجئي الوحيد يا فوبوكي، أعرف أنك لا تستطيعين أن تفعلي الكثير من أجلي ولكني أشكرك فمجرد انسانيتك تثلج صدري.
    ابتسمت فوبوكي.
    وسألتها كيف يكتب اسمها فأرتني البطاقة التي تحمل اسمها ومنصبها في الشركة. فنظرت إلى الرموز اليابانية وهتفت:
    _ عاصفة الثلج، فوبوكي يعني " عاصفة الثلج "، رائع أن يحمل المرء اسماً كهذا.
    _ لقد ولدت أثناء عاصفة ثلجية، فرأى والديّ في ذلك إشارة ما.
    واستعرضت في ذهني لائحة أسماء موظفي يوميموتو:" فوبوكي موري، مكان الولادة " نارا " تاريخ الولادة 18 كانون الثاني 1961..." إنها ابنة الشتاء. وتخيلت فجأة تلك العاصفة الثلجية فوق مدينة نارا الرائعة الجمال، فوق أجراسها التي لا تحصى. أليس من الطبيعي أن تولد تلك الشابة الفاتنة يوم تلاقي جمال السماء مع جمال الأرض؟
    حدثتني عن طفولتها في مقاطعة كانسي، وحدثتها عن طفولتي التي بدأت في نفس المقاطعة، ليس بعيداً عن " نارا "، في قرية شوكوغاوا، قرب جبل كابوتو. وجعلتني ذكرى هذه الأماكن الأسطورية أشعر بتأثر كبير لدرجة الرغبة في البكاء.
    _ إني في غاية السعادة أن نكون نحن الاثنتان من أطفال منطقة الكانساي، فهناك ينبض قلب اليابان العريق.
    وهناك أيضاً كان ينبض قلبي منذ ذلك اليوم الذي تركت فيه وأنا بعمر الخامسة الجبال اليابانية إلى الصحراء الصينية. وقد أثر فيّ هذا المنفى حتى أني كنت على استعداد لتقبل أي شيء للعودة إلى هذا البلد الذي طالما اعتقدت أنه بلدي.
    وعندما عدنا إلى مكتبينا المتقابلين لم أكن قد وجدت حلاً لمشكلتي، بل كنت أجهل أكثر من ذي قبل المكان الذي أحتله أو الذي سيخصص لي في شركة يوميموتو. ولكني أشعر بسكينة كبيرة لأني كنت زميلة فوبوكي موري.

    كان علي إذاً أن أبدو مشغولة دون أن يبدو علي أني أفهم كلمة مما يقال حولي. واعتباراً من تلك اللحظة كنت أقدم فناجين القهوة والشاي بدون أية مجاملة وبدون الرد على شكر الموظفين المرموقين. لم يكن هؤلاء على علم بالتعليمات الجديدة التي أعطيت إلي، فكانوا يدهشون لرؤية الجيشا البيضاء الودودة تتحول إلى فتاة قليلة التهذيب كاليانكي 5.
    لم تكن وظيفة الاوشاكومي ويا للأسف تتطلب مني الكثير من الوقت فقررت دون أن أطلب الإذن من أحد أن أوزع البريد. كان الأمر يتطلب أن أدفع عربة حديدية هائلة الحجم عبر المكاتب الضخمة العديدة وأعطي كلاً رسالته. كان هذا العمل يروقني جداً. فمن جهة تشكل قراءة العناوين والاسماء المكتوبة بالرموز اليابانية تمريناً لغوياً بالنسبة لي _ فعندما يكون السيد سايتو بعيداً عني لم أكن أخفي أني أعرف اليابانية. ومن جهة أخرى اكتشفت أنّ حفظي لقائمة أسماء الموظفين لم يذهب هباءً فلم أكن قادرة على التعرف إلى كل الموظفين فحسب، بل كنت أستغل الفرصة لتهنئتهم بأعياد ميلادهم أو ميلاد زوجاتهم او أزواجهم أو أولادهم.
    كنت أتقدم باسمة وأقوم بانحناءة مهذبة قائلة: " هذه رسالة لك سيد شيراناي، مع تمنياتي بعيد ميلاد سعيد لصغيرك أوشيرو الذي بلغ من العمر اليوم ثلاث سنوات. " وفي كل مرة كنت أستحق نظرة ذهول شديد.
    وكان هذا العمل يتطلب وقتاً لأن علي الحركة في شركة يوميموتو بكاملها التي تمتد على طابقين. كنت آخذ المصعد دائماً مع عربتي الثقيلة التي كانت تعطيني مظهراً لطيفاً. كنت أحب أن آخذ المصعد فبالقرب من المكان الذي أنتظره فيه توجد نافذة واسعة. وكنت ألعب لعبة " الارتماء في الفراغ " فألصق جبهتي على الزجاج وأترك جسدي يهوي ذهنياً، وكانت المدينة شديدة البعد بحيث يتسنى لي قبل الوصول إلى الأرض أن أتأمل الكثير من الأشياء.
    كنت قد وجدت طريقي في الحياة، وكان عقلي ينتعش بممارسة هذا العمل البسيط المفيد والانساني والذي يسمح بالتأمل. ووددت لو أقوم به مدى الحياة.

    استدعاني السيد سايتو إلى مكتبه. وبخني توبيخاً كنت أستحقه لاقترافي جريمة المبادرة. كنت قد نصبت نفسي في وظيفة دون الرجوع إلى رؤسائي المباشرين. والأسوأ من ذلك أن الموظف الذي يقوم عادة بهذا العمل كان على وشك انهيار عصبي لأنه اعتقد أنه سيطرد من عمله.
    _ إن سرقة عمل الآخرين هو تصرف مشين. قال لي السيد سايتو وكان معه الحق.
    وأسفت لتوقفي عن عمل كان يعد بحياة مهنية مزدهرة. وعادت مشكلة عملي في الشركة تطرح نفسها.
    ثم جاءتني فكرة بدت لسذاجتي لامعة. فخلال تجولاتي في الشركة لاحظت أن كل مكتب كان يحوي العديد من التقاويم التي لم تكن مضبوطة على التاريخ الصحيح فإما أنّ الإطار الأحمر المتحرك لا يحيط بالتاريخ الصحيح أو أن صفحة الشهر الماضي لم تُقلب بعد. ولكن في هذه المرة لم أنس أن أطلب الإذن:
    _ هل أستطيع ضبط التقاويم يا سيد سايتو؟
    أجابني بالايجاب دون أن ينتبه إلى مايقول. فاعتبرت أنه أصبح لدي حرفة.
    كنت أمر كل صباح على كل مكتب وأحرك الاطار الأحمر الصغير حتى التاريخ الموافق. وهكذا صار لدي وظيفة: ضابطة التقاويم. وشيئاً فشيئاً لاحظ الموظفون اختراعي واستقبلوه بمرح كان يتزايد يوماً بعد يوم. فكانوا يسألوني:
    _ كيف الحال؟ ألا ترهقين نفسك في هذا العمل المتعب؟
    وكنت أجيب باسمة:
    _ هذا فظيع، إنني أتناول الفيتامينات.
    كنت أحب انهماكي هذا ولكن له سيئة واحدة فهو يتطلب القليل جداً من الوقت ولكنه يسمح لي بأن أستقل المصعد وبالتالي أن أرتمي في الفراغ عبر النافذة. وأكثر من ذلك كان يسلي جمهوري.
    ومن هذه الناحية بلغت التسلية ذروتها عند الانتقال من شهر شباط إلى آذار، فلم يعد يكفي تحريك الإطار الأحمر من تاريخ إلى تاريخ بل كان علي قلب لا بل انتزاع صفحة شهر شباط كلياً.
    واستقبلني موظفو المكاتب العديدة كما يُستقبل بطل رياضي. وبضربة واحدة صرعت شهر شباط بحركات مسرحية تشبه حركات الساموراي مقلدة صراعاً بلا هوادة ضد جبل فوجي المغطى بالثلج والذي يمثل تلك الحقبة من السنة في تقويم يوميموتو، ثم تركت مكان المعركة بهيئة منهكة وبفخر متواضع لمحارب منتصر وسط تهاليل المعلقين الفرحة.
    ووصلت أنباء مجدي إلى مسامع السيد سايتو، فتوقعت حفلة توبيخ بسبب تهريجي. بل وحضّرت دفاعي:
    _ لقد سمحت لي بضبط التقاويم. بدأت بالقول حتى قبل أن أتلقى بوادر غضبه.
    ولكنه أجابني بلا أي غضب وبلهجة استياء اعتيادية لديه:
    _ نعم، تستطيعين المتابعة ولكن لا تقومي بالتهريج فذلك يلهي الموظفين عن أعمالهم.
    دهشت لخفة التعنيف، وتابع السيد سايتو:
    _ اذهبي وصوّري هذه الأوراق.
    ومدّ لي كدسة أوراق من حجم الـ أ4، كانت قرابة الألف صفحة.
    وعهدت بالأوراق لحاوية التصوير التلقائي التي قامت بعملها بسرعة ولطف مثاليين. وحملت الأوراق الأصل والمصوّرة.
    عاد فناداني:
    _ إن تصويرك مائل قليلاً، قال وهو يريني ورقة. أعيديه.
    عدت إلى آلة التصوير وظننت أنني ربما لم أحسن وضع الصفحات في حاوية التصوير التلقائي، ففعلت ذلك هذه المرة بعناية فائقة، وكانت النتيجة في تمام الكمال. وعدت أحمل انجازي للسيد سايتو.
    _ إنها مازالت مائلة. قال لي.
    _ ليس هذا صحيحاً. هتفت.
    _ من المعيب قول ذلك لرئيسك.
    _ المعذرة، ولكني حرصت كل الحرص على أن تكون في غاية الدقة.
    _ ليست كذلك، انظري.
    وأشار إلى ورقة فرأيتها خالية من أي عيب.
    _ أين هو الخطأ؟
    _ هنا، انظري كيف أن التوازي مع حرف الورقة ليس دقيقاً مئة في المئة.
    _ هل تعتقد ذلك؟
    _ الأمر كما أقول لك تماماً.
    ورمى بحزمة الاوراق في سلة المهملات وتابع يقول:
    _ هل استخدمت حاوية التصوير التلقائي؟
    _ بالطبع.
    _ هذا هو السبب إذاً، لا تستخدميها فهي غير دقيقة.
    _ولكن يا سيد سايتو بدونها يلزمني ساعات لتصوير هذه الرزمة.
    _وأين المشكلة في ذلك؟ قال مبتسماً. فأنت تشكين من قلة الشغل.
    وفهمت أن ذلك كان عقابي على موضوع التقاويم.
    أقبلت على آلة التصوير كالمقبل على أشغال شاقة، في كل مرة كنت أرفع غطاء الآلة ثم أضع الورقة بانتباه على الزجاج، ثم أضغط على زر التصوير، ثم أتفحص النتيجة. عندما وصلت إلى مكان التعذيب هذا كانت الساعة الثالثة ظهراً، وفي الساعة السابعة مساء لم أكن قد انتهيت بعد. بعض الموظفين كانوا يمرون من وقت لآخر، فإن كان لديهم أكثر من عشر صفحات للتصوير كنت أناشدهم أن يذهبوا إلى الآلة الأخرى الموجودة في الطرف الآخر من الممر.
    وألقيت نظرة على محتوى الصفحات التي كنت أصورها. فأوشكت على الموت من الضحك عندما رأيت أنها التعليمات المتعلقة بنادي لعبة الغولف الذي كان السيد سايتو عضواً فيه.
    ولكن في اللحظة التالية تملكتني رغبة في البكاء وأنا أفكر بالأشجار البريئة التي كان رئيسي يضحي بها في سبيل معاقبتي. تخيلت غابات اليابان التي شهدتها طفولتي، أشجار القيقب والأرز والجنكة وهي تقطع لغاية وحيدة هي إنزال العقاب بشخص عديم الأهمية مثلي. وتذكرت أن اسم فوبوكي يعني " الغابة ".
    ثم جاء السيد تينشي الذي كان يدير قسم منتجات الألبان، وكان له نفس مرتبة السيد سايتو الذي يدير قسم المحاسبة العامة. ونظرت إليه باستغراب: أليس حرياً بموظف رفيع مثله أن يوكل مهمة التصوير لأحد ما؟
    وأجاب على سؤالي الصامت:
    _ إنها الساعة الثامنة مساء، إنني الموظف الوحيد في مكتبي الذي مازال يعمل. ولكن قولي لي لماذا لا تستعملين التصوير التلقائي؟
    فشرحت له بابتسامة متواضعة أني أنفذ تعليمات السيد سايتو الحرفية.
    _ أفهم ذلك. قال بنبرة ذات مغزى.
    أطرق مفكراً ثم سألني:
    _ أنت بلجيكية أليس كذلك؟
    _ نعم.
    _ عز الطلب، لدي مشروع مهم جداً مع بلدك، هل توافقين على اجراء دراسة من أجلي؟
    ونظرت إليه كما ننظر للمسيح المخلّص، فشرح لي أن هناك جمعية تعاونية بلجيكية طورت طريقة جديدة لنزع الدسم من الزبدة.
    _ إني من أنصار الزبدة الخفيفة الدسم. فلها مستقبل.
    وعلى الفور اخترعت لنفسي رأياً بالموضوع:
    _ هذا مااعتقدته دائما.ً
    _ تعالي إلى مكتبي في الغد.
    وأنهيت تصوير صفحاتي وأنا في حالة نشوة. لقد فتح أمامي طريق مستقبل باهر. وضعت رزمة الأوراق على مكتب السيد سايتو وغادرت بانتصار.

    في اليوم التالي وحين وصولي إلى شركة يوميموتو قالت لي فوبوكي بخوف:
    _ إن السيد سايتو يريدك أن تعيدي تصوير هذه الأوراق، فهو يجدها مائلة.
    فانفجرت ضاحكة وشرحت لزميلتي اللعبة التي كان يلعبها رئيسنا معي:
    _ إني متأكدة تماماً أنه لم يلق حتى نظرة على الاوراق الجديدة، لقد صورتها واحدة واحدة مراعية ضبطها بالميلليمتر. لا أعرف كم من الوقت أمضيت في ذلك وكل ذلك من أجل تصوير تعليمات نادي الغولف الذي يلعب فيه.
    وتعاطفت معي فوبوكي برقة واستهجان:
    _ إنه يعذبك!
    فطمأنتها:
    _ لا تقلقي إنه يسليني.
    وعدت إلى آلة التصوير التي أصبحت أعرفها جيداً، ورميت بالأوراق في حاوية التصوير التلقائي لأني كنت متأكدة أن السيد سايتو سيطلق حكمه عليها دون أن يلقي ولو نظرة على عملي. وابتسمت بتأثر متذكرة فوبوكي قائلة في نفسي: " ماألطفها، من حسن حظي أنها موجودة ".
    في الواقع أن لعبة السيد سايتو الجديدة جاءت في وقتها تماماً: ففي الأمس أمضيت أكثر من سبع ساعات في تصوير الأوراق الألف ورقة ورقة، وذلك ماسيعطيني حجة ممتازة اليوم للغياب عدة ساعات في مكتب السيد تينشي. أنهت الحاوية التلقائية عملي في عشر دقائق فحملت الرزمة وهرعت إلى قسم منتجات الألبان. قدم لي السيد تينشي عنوان وأرقام هواتف الجمعية التعاونية البلجيكية.
    _ أحتاج إلى تقرير مفصل قدر الإمكان عن هذه الزبدة قليلة الدسم. تستطيعين الجلوس إلى مكتب السيد سايتاما فهو في رحلة عمل.
    اسم تينشي يعني " ملاك " ففكرت في نفسي أن اسمه يناسبه بشكل رائع. فهو لم يتح لي فرصة للعمل فقط بل هو أيضاً لا يعطيني أية تعليمات تاركاً لي مطلق الحرية في التصرف وهذا نادر جداً في اليابان. لقد قام بتلك المبادرة دون طلب تصريح من أحد ويعدّ ذلك مجازفة كبيرة من قبله.
    كنت أدرك تماماً ماذا يعني ذلك. ولذلك شعرت حالاً بولاء للسيد تينشي لاحدود له، ذلك الولاء الذي يحمله كل ياباني لرئيسه ولكني لم أقدر أن أكنّه للسيد سايتو وللسيد أموشي. كان السيد تينشي قد أصبح فجأة قائدي وزعيمي الحربي. كنت قادرة على القتال من أجله حتى النهاية مثل مقاتل الساموراي.
    ورميت بنفسي في معمعة الزبدة قليلة الدسم. غير أن فارق الوقت بين اليابان وأوروبا لم يكن يسمح لي بالاتصال الهاتفي ببلجيكا، فبدأت بالبحث لدى مراكز الاستهلاك اليابانية ووزارة الصحة لمعرفة كيفية تطور عادات السكان الغذائية بالنسبة للزبدة، ومدى تأثير هذه التغيرات على معدلات الكولسترول عند اليابانيين. فتبين بالنتيجة أنهم يتناولون الزبدة بشكل متزايد وأن نسبة السمنة والامراض القلبية تتصاعد في بلاد المشرق الأقصى.
    ثم اتصلت بالتعاونية البلجيكية الصغيرة حين سمح التوقيت بذلك، وجعلتني اللهجة المحلية الواضحة في الطرف الآخر من الهاتف أتأثر كما لم يحدث لي من قبل. وأظهر مواطني الفخور بتلقي اتصال من اليابان كفاءة عالية. خلال عشر دقائق استلمت بالفاكس حوالي عشرين صفحة تشرح بالفرنسية الطريقة الجديدة لتخفيف دسم الزبدة والتي تمتلك حقوقها التعاونية البلجيكية.
    وكتبت تقرير العصر. بدأت بدراسة للسوق: استهلاك اليابانيين للزبدة وتطوره منذ عام 1950، والتطور الموازي للاضطرابات الصحية المتعلقة بالامتصاص المفرط لدسم الزبدة. بعد ذلك قمت بوصف الطرق القديمة لتخفيف هذا الدسم ثم الطريقة الحديثة البلجيكية ومزاياها الهامة. وبما أنه كان يجب كتابة التقرير بالانكليزية حملت معي عملي إلى البيت لانني كنت بحاجة إلى قاموس لترجمة المفردات العلمية، فلم أنم ليلتي.
    وفي اليوم التالي وصلت إلى الشركة قبل ساعتين لكي أطبع التقرير وأعطيه للسيد تينشي دون أن أتأخر عن عملي في مكتب السيد سايتو الذي ناداني حال وصولي:
    _ تفحصت الأوراق التي تركتها مساء أمس على مكتبي. لقد أحرزت بعض التطور ولكن لم تبلغي بعد درجة الكمال. أعيدي تصويرها.
    ورمى بالرزمة في سلة المهملات.
    أحنيت رأسي ونفذت الأمر. كنت أجد صعوبة في مغالبة الضحك. بعد قليل جاء السيد تينشي إلي قرب آلة التصوير، فهنأني بكل الحرارة التي يسمح بها تهذيبه ورزانته الوقورين:
    _ تقريرك ممتاز، وأكثر من ذلك كتبته بسرعة فائقة، هل تريدين أن أذكر في الاجتماع من الذي كتبه؟
    كان رجلاً ذا شهامة نادرة: إنه على استعداد لارتكاب خطأ مهني فادح لو أني طلبت منه ذلك.
    _ إياك أن تفعل يا سيد تينشي، وإلا فستضر نفسك بقدر ماتضرني.
    _ أنت محقة. ولكن ربما أستطيع أن ألمّح للسيد سايتو وللسيد أوموشي في الاجتماعات القادمة أنك تستطيعين أن تفيديني، أتعتقدين أن السيد سايتو سينزعج لذلك؟
    _ بالعكس، انظر إلى هذه الرزمة من الأوراق التافهة التي طلب مني تصويرها فقط ليبعدني أطول وقت ممكن عن مكتبه. من الواضح أنه يتمنى التخلص مني وسيسعد بأن تقدم له فرصة كهذه. لم يعد يطيقني.
    _ إذاً لن تغضبي لو نسبت لنفسي أبوة تقريرك؟
    كنت مذهولة من تصرفه إذ لم يكن مجبراً أن يكون على هذا القدر من الاحترام مع موظفة وضيعة القدر مثلي.
    _ هيا ياسيد تينشي، إنه لفخر لي أن ترغب في أن تنسبه لنفسك.
    وافترقنا باحترام فائق متبادل. كنت أفكر بالمستقبل بثقة. قريباً، ستنتهي توبيخات السيد سايتو التي لا سبب لها، وسينتهي أمر آلة التصوير وكذلك منعي من التكلم بلغتي الثانية.

    وبعد عدة أيام اندلعت مأساة مروعة. استُدعيت إلى مكتب السيد أوموشي: وذهبت هناك دون أي توجس، جاهلة تماماً ما يريده مني.
    وعندما ولجت عرين نائب الرئيس رأيت السيد تينشي جالساً على كرسي. التفت نحوي بوجه باسم: كانت ابتسامة مليئة بانسانية لم أعرف مثلها في حياتي. كان مكتوباً فيها: " سنعيش محنة فظيعة ولكننا سنعيشها معاً "
    كنت أظن أنني أعرف ماهو التوبيخ. ولكن ما جربته أظهر لي مبلغ جهلي. لقد تلقيت أنا والسيد تينشي صراخاً ممسوساً. مازلت أتساءل ما الأفظع فيها الشكل أم المضمون.

    أما المضمون فكان سباباً مقذعاً. فقد نُعِتّ أنا ورفيقي في المحنة بأقبح الصفات: خونة، حمقى، افاع، محتالون وكان أسوؤها على الإطلاق هو: فرديون.
    وأما الشكل فكان يفسّر العديد من جوانب التاريخ الياباني، وفي سبيل ايقاف هذا الصراخ الفظيع كنت مستعدة للقيام بأسوأ الأفعال كاجتياح مقاطعة المانشوري أو تعذيب آلاف الصينيين أو الانتحار في سبيل الإمبراطور أو قذف طائرتي على بارجة أمريكية أو حتى العمل في شركتين من شركات يوميموتو.
    كان الأكثر قسوة في الأمر هو رؤية منقذي يهان بسببي. كان السيد تينشي ذكياً ذا ضمير حي: فهو قد أقدم على مجازفة عظيمة من أجلي، وكان على تمام العلم بعاقبتها، ولم يكن له في ذلك أي مصلحة شخصية بل تصرف فقط بدافع الإيثار. وهاهو يكافأ على طيبته، كان يُمرَّغ في الوحل. كنت أحاول أن أحذو حذوه: فهو يطأطئ برأسه ويحني كتفيه باستمرار. كان وجهه ينم عن الخضوع والخجل، ففعلت مثله. وجاءت لحظة قال له فيها الرجل البدين:
    _ لم تكن تهدف في حياتك إلا إلى تخريب الشركة.
    وتتابعت الافكار في رأسي بسرعة كبيرة: يجب ألا تعوق هذه الحادثة ملاكي الحارس من الترفيع في عمله، وقذفت بنفسي تحت الأمواج الصاخبة لصرخات نائب الرئيس:
    _ لم يكن السيد تينشي يريد تخريب الشركة، أنا من توسل إليه لكي يعهد إلي بملف ما. إنني المسؤولة الوحيدة.
    وبالكاد لمحت نظرة الهلع في عيني رفيقي في المحنة تنظر إلي وتقول " الرحمة، اسكتي" ولكن للأسف بعد فوات الأوان. فقد بقي السيد أوموشي فاغر الفم برهة قبل أن يقترب مني ويصرخ في وجهي مباشرة:
    _ وتجرئين على الدفاع عن نفسك؟
    _ بالعكس فأنا أتهم نفسي وآخذ على عاتقي كل المسؤولية، فأنا الوحيدة التي يجب عقابها.
    _ وتجرئين على الدفاع عن هذه الأفعى؟
    _ ليس السيد تينشي بحاجة لدفاع فاتهاماتك له غير صحيحة.
    ورأيت منقذي يغمض عينيه ففهمت أنني تلفظت بكلمات لا تغتفر.
    _ وتجرئين على الزعم أن أقوالي خاطئة، إن وقاحتك تفوق الخيال.
    _ لم أكن لأجرؤ على زعم شيء كهذا، إنما اعتقد أن السيد تينشي قال لك أشياء خاطئة ليبرأني.
    وبدا وكأن رفيقي في النكبة فكر أننا وصلنا حيث لم يعد يبقى ما نخشاه... فتكلم، وكان صوته يحمل كل إذلال العالم:
    _ أتوسل إليك، لا تغضب منها، فهي لا تعي ماتقول إنها فتاة غربية، هي شابة ولاخبرة لها، بينما ارتكبت انا خطأ لا يمكن تبريره. خجلي من ذلك شديد.
    _ هذا صحيح، أنت لا عذر لك البتة. صرخ البدين.
    _ مهما يكن خطئي عليّ أن أشير إلى جودة تقرير أميلي - سَنْ والسرعة الفائقة التي أنجزته بها.
    _ ليس هذا هو المهم، السيد سايتاما هو الذي كان من المفروض أن يقوم بهذا العمل.
    _ هو في رحلة عمل.
    _ كان يجب انتظار عودته.
    _ هذه الزبدة الجديدة والقليلة الدسم مرغوبة حتماً من قبل الشركات الأخرى، ولو انتظرنا حتى يعود السيد سايتاما من رحلته ويعد التقرير لسبقونا إليها.
    _ هل تحاول بقولك هذا أن تنتقد جودة عمل السيد سايتاما؟
    _ إطلاقاً. ولكن السيد سايتاما لا يتكلم الفرنسية ولا يعرف بلجيكا ولذلك ربما كان سيلاقي صعوبات أكثر بكثير من أميلي - سَنْ.
    _ اصمت، إن هذه الذرائع الشنيعة خليقة بشخص غربي.
    واعتبرت أنه يبالغ جداً إذ يقول ذلك دون أي حرج أمامي.
    _ فلتعذروا يا سيدي احتجاجي الغربي، لقد اقترفنا خطأ ليكن ذلك، ولكن هذا لا يمنع أن هناك ربحاً منتظراً من هذا الخطأ و....
    واقترب السيد أوموشي مني بعينين مرعبتين جعلتاني أتوقف عن الكلام:
    _ أنتِ، إني أحذرك، لقد كان أول وآخر تقرير لك، لقد وضعت نفسك في موقف سيء للغاية. اخرجي! لا أريد رؤيتك أبداً.

    لم أحتج أن يكرر لي ذلك الأمر الصارخ مرتين. وفي الممر كنت مازلت أسمع صراخ ذلك الجبل من اللحم الآدمي يقابله صمت نادم لضحيته. ثم فتح الباب ولحق بي السيد تينشي. ذهبنا معاً إلى المطبخ مترنحين تحت وطأة الشتائم التي كيلت لنا.
    _ اعذريني لأن زججت بك في هذه القضية. قال لي أخيراً السيد تينشي.
    _ أرجوك سيد تينشي لا تعتذر، سأبقى كل حياتي مدينة لك، فأنت الوحيد الذي أعطاني فرصتي هنا وكان في ذلك شجاعة وكرم منك، وكنت أعرف ذلك من البداية ولكني عرفت أكثر الآن وقد رأيت ما قاسيته. لا شك أنك اعتقدتهم أرفع من ذلك. لم يكن ينبغي أن تقول لهم إنّ التقرير لي.
    ونظر إلي بدهشة:
    _ لست أنا من قال لهم. تذكري ماقلناه: كنت أنوي أن أتكلم عن ذلك أمام الإدارة، أمام السيد هاينيدا وبكثير من التكتم: كانت تلك هي فرصتي الوحيدة للحصول على شيء. ولكن قوله للسيد اوموشي لا يمكن أن يقودنا إلا إلى مصيبة.
    _ أهو السيد سايتو الذي نقل ذلك لنائب الرئيس؟ يا له من وضيع، بل أحمق، كان يمكنه التخلص مني بشكل يسعدني ولكن عوضاً عن ذلك، كان عليه...
    _ لاتتكلمي عن السيد سايتو بكثير من السوء. فهو أفضل مما تعتقدين، ليس هو من وشى بنا. لقد رأيت الورقة الموضوعة على مكتب السيد اوموشي ورأيت من كتبها.
    _ هل هو السيد سايتاما؟
    _ كلا. هل علي فعلاً أن أخبرك؟
    _ نعم يجب ذلك.
    وتنهد قائلاً:
    _ كانت الورقة تحمل توقيع الآنسة موري.
    وكأني تلقيت ضربة هراوة على رأسي:
    _ فوبوكي؟ هذا مستحيل.
    وصمت رفيقي في المحنة.
    _ لا أصدق ذلك! من المؤكد أن ذلك الجبان سايتو هو الذي أمرها أن تكتب هذه الورقة، ليست له حتى الشجاعة الكافية للوشاية بنا بنفسه، فيوكل الآخرين بدسائسه.
    _ أنت مخطئة بحق السيد سايتو: فهو خجول ومعقد وبليد قليلاً ولكنه ليس خبيثاً، ولم يكن ليرمي بنا إلى غضب نائب المدير.
    _ ولكن أتكون فوبوكي قادرة على فعل شيء كهذا!
    واكتفى السيد تينشي بالتنهد مرة أخرى.
    _ لماذا تقدم على فعل كهذا؟ تابعت. هل تكرهك؟
    _ لا، أبداً، لم تفعل ذلك ضدي أنا. ففي النهاية هذه القضية تضر بك أكثر بكثير مما تضر بي فأنا لم أفقد شيئاً ولكن أنتِ تفقدين إمكانية تقدمك في العمل لوقت طويل، طويل جداً.
    _ ولكني لا أفهم، كانت دائماً تظهر لي إمارات المودة.
    _ نعم كانت كذلك طالما أن مهامك تقتصر على ضبط التقاويم وعلى تصوير تعليمات نادي الغولف.
    _ ولكن ليس من الوارد أن آخذ مكانها!
    _ طبعاً، هي لم تخش ذلك قط.
    _ وإذاً؟ لماذا وشت بي؟ مالذي يزعجها في أن أعمل معك؟
    _ الآنسة موري عانت سنين طويلة لتحصل على المركز الذي تحتله اليوم. لا شك أنها وجدت أنّ من الظلم أن تحصلي على ترقية كهذه بعد عشرة أسابيع من وجودك في شركة يوميموتو.
    _ لا أستطيع أن أصدق، يالها من بائسة إن كانت فعلاً كذلك.
    _ كل ما أستطيع قوله أنها عانت الكثير الكثير في سنواتها الأولى هنا.
    _ وبالتالي فهي تريد أن أعاني نفس المصير، يا لفظاعة ذلك، يجب أن أتكلم معها.
    _ هل حقاً تريدين ذلك؟
    _ بالتأكيد، كيف تريد أن تتحسن الأمور إذا لم نتكلم عنها؟
    _ لقد تكلمتِ الآن مع السيد أموشي عندما كان يمطرنا بسبابه فهل شعرت أن الأمور تحسنت بكلامك؟
    _ ماهو أكيد بالنسبة لي أننا إن لم نتكلم عن المشكلة فلا سبيل لحلها أبداً.
    _ ومايبدو لي أكيداً أكثر هو أننا لو تكلمنا عنها لجازفنا بتعقيد الأمور حتماً.
    _ اطمئن يا سيدي، لن أزج بك في هذه القصص ولكني يجب أن أتكلم مع فوبوكي وإلا مرضتُ.

    ردت الآنسة موري على اقتراحي بلطف مندهش. تبعتني. كانت قاعة الاجتماعات فارغة، جلسنا فيها. وبدأت بصوت رقيق وهادئ:
    _ كنت أظن أننا صديقتان. لا أفهم.
    _ ماالذي لا تفهمينه؟
    _ هل ستنكرين أنك وشيت بي؟
    _ ليس هناك ما أنكره، لقد طبقت التعليمات.
    _ هل التعليمات أهم لديك من الصداقة؟
    _ الصداقة كلمة كبيرة، ربما أقول " علاقة طيبة بين زميلتين ".
    كانت تنطق بتلك الأقوال الرهيبة بهدوء ساذج لطيف.
    _ حسناً، هل تعتقدين أن علاقتنا الطيبة ستستمر بعد تصرفك هذا؟
    _ إذا اعتذرت لن أحمل لك ضغينة.
    _ لا ينقصك حس النكتة يا فوبوكي.
    _ عجيب، تتصرفين وكأنك المعتدى عليها وأنت التي اقترفت خطأ فادحاً.
    وأخطأت إذ نطقت بجواب مفيد:
    _ غريب، كنت أعتقد أن اليابانيين مختلفون عن الصينيين.
    ونظرت إلي بدون أن تفهم، فتابعت:
    _ نعم، لم تنتظر الوشاية قدوم الشيوعية حتى تصبح مبدأً صينياً. وحتى الآن في سينغافورة يحث الصينيون أطفالهم على الوشاية برفاقهم الصغار. كنت أعتقد أن اليابانيين عندهم مبدأ الشرف.
    جرحت شعورها بالتأكيد، وكان ذلك خطأ استراتيجياً. فابتسمت وقالت:
    _ هل تعتقدين أنك في وضع يسمح لك بإعطائي دروساً في الأخلاق؟
    _ برأيك يا فوبوكي لماذا طلبت أن أكلمك؟
    _ لأنك ساذجة.
    _ ألا يمكنك تخيل سبب كرغبتي في المصالحة؟
    _ فليكن، اعتذري وسنتصالح.
    تنهدتُ:
    _ إنك ذكية ونبيهة فلم تتظاهرين بعدم الفهم؟
    _ لا تكوني مغرورة، فمن السهل فهمك.
    _ هذا حسن، في هذه الحال أنت تفهمين استنكاري.
    _ أفهمه ولكني لا أقره. أنا من لديها أسباب للغضب من تصرفك، لقد طمعت في ترقية لم تكن من حقك.
    _ لنفترض ذلك، أنها لم تكن من حقي. ماالذي يضيرك في ذلك عملياً؟ حظي الحسن لا يظلمك في شيء.
    _ عمري تسعة وعشرون عاماً وعمرك اثنان وعشرون. أشغل منصبي منذ العام الفائت. ناضلت سنوات لنيله، وأنت تظنين أنك تستطيعين الحصول على منصب مواز بعد أسابيع؟
    _ هكذا إذاً، تحتاجين أن أتعذب، لا تتحملين أن يكون للآخرين حظ سعيد، هذا سخف.
    _ وهل ترين أن تعقيد الأمور كما تفعلين هو دليل نضوج؟ إنني رئيستك، فهل تعتقدين أن من حقك أن تتكلمي معي بهذه الوقاحة؟
    _ أنت رئيستي، نعم. ليس لي أي حق، أعلم ذلك. ولكني أردت أن تعلمي مقدار خيبتي، فقد كنت أحترمك جداً.
    _ لم يخب أملي أنا، فأنا لا أكن لك أي احترام.

    وفي اليوم التالي عندما وصلت إلى شركة يوميموتو أعلمتني الآنسة موري بوظيفتي الجديدة:
    _ لن تغيري قسمك، بل ستعملين هنا في هذا المكتب في الحسابات.
    _ محاسبة؟ أنا؟ لماذا لا أعمل بهلواناً بالمرة؟
    _ محاسِبة هي كلمة كبيرة عليك، لا أعتقد أنك قادرة على أن تكوني محاسِبة. قالت ذلك بابتسامة مشفقة.
    أرتني دُرجاً تتكدس فيه فواتير الأسابيع الأخيرة. ثم أشارت لي إلى خزانة رُتبت فيها مصنفات ضخمة يحمل كل منها الأحرف الأولى من أسماء الأقسام الأحد عشر في شركة يوميموتو.
    _ عملك سيكون من أسهل المهمات وأنت قادرة تماماً على القيام به - شرحت لي بلهجة تعليمية - ستقومين في البداية بتصنيف الفواتير حسب تواريخها. بعد ذلك تحددين القسم الذي تتبع له كل فاتورة. لنأخذ مثلاً هذه: أحد عشر مليوناً لشراء جبنة الإمانتال الفنلندية _ يا لها من صدفة طريفة، إنه قسم منتجات الألبان. تأخذين دفتر الفواتير وتنسخين في كل عمود التاريخ واسم الشركة والمبلغ. وعندما تنتهين من تدوين وترتيب الفواتير تضعينها في هذا الدّرج.
    يجب الاعتراف بأن ذلك لم يكن عسيراً. أظهرت دهشتي:
    _ ألا تُدخَل هذه الفواتير إلى الحاسوب؟
    _ بلى، سيدخل السيد أوناجي في آخر الشهر كل الفواتير إلى الحاسوب، وعندها سيكتفي بنقل عملك وسيأخذ منه ذلك وقتاً يسيراً.
    في الأيام الأولى كنت أتردد قليلاً في اختيار دفاتر الفواتير فكنت أطرح الأسئلة على فوبوكي التي كانت تجيبني بتهذيب مغتاظ:
    _ ماذا يعني Reming ltd ؟
    _ معادن غير حديدية، لقسم إم إم.
    _ ما هو ال Gunzer GMBH؟
    _ منتجات كيميائية لقسم سي بي.

    وحفظت بسرعة عن ظهر قلب كل أسماء الشركات وأسماء الأقسام التي تتبع لها. كانت تبدو لي المهمة من سهل إلى أسهل. كانت بالطبع مملة تماماً ولكن لم يزعجني ذلك بل سمح لي بشغل تفكيري بشيء آخر. وهكذا كنت غالباً ما أرفع رأسي وأنا أدوّن الفواتير لأحلم وأنا أتأمل الوجه البديع لتلك التي وشت بي.
    مرت اسابيع وكان هدوئي يتزايد مع مرور الوقت. سميت ذلك السكينة الفاتوريّة. لم يكن هناك فرق بين مهنة الراهب الناسخ في القرون الوسطى وبين مهنتي: فقد كنت أمضي أياماً كاملة بنسخ أحرف وارقام. لم يعمل دماغي قط بهذا القدر الضئيل من الجهد واكتشف بهذا هدوءاً رائعا.ً إنه زنْ دفاتر الحسابات. وأدهشني تفكيري بأنني لو اضطررت لتكريس أربعين سنة من عمري لهذا العمل ذي البلادة الممتعة لما وجدت غضاضة في ذلك.
    أنا التي كنت من الحماقة بحيث قمت بدراسات عليا. هاهو دماغي بلا أدنى تفكير، ينتعش في عملية التكرار الغبي. أعلم الآن أنني موهوبة في المجالات التأملية: فتدوين الأرقام مع النظر إلى الجمال هو السعادة ذاتها.
    كانت فوبوكي على حق: أخطأت طريقي مع السيد تينشي، فلقد كتبت ذلك التقرير سُدى، هذا هو الواقع. لم يكن عقلي ينتمي إلى سلالة الفاتحين وإنما إلى سلالة البقرات التي ترعى في مروج من الفواتير بانتظار مرور قطار الخلاص. كم هي ممتعة الحياة بدون كبرياء ولا ذكاء. ودخلت في حالة سبات.

    في نهاية الشهر أتى السيد أوناجي وقام بإدخال عملي في الحاسوب. تطلب نسخه لأعمدة الارقام والأحرف يومين فقط. شعرت بسعادة سخيفة لكوني كنت حلقة مفيدة في السلسلة.
    أرادت الصدفة، او القدر، أن يترك للنهاية دفتر فواتير سي بي. وكما فعل بالدفاتر الع

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 26, 2024 5:10 pm